بيان سعادة السيد/ ناصر بن عبد العزيز النصر
الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات
أمام افتتاح المؤتمر الدولي “الحضارات في خدمة الإنسانية”
المنامة ـ مملكة البحرين
٥ مايو ٢٠١٤
ـــــــــــــــــــــــــــ
صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، ولي العهد،
معالي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير خارجية مملكة البحرين،
أصحاب الفضيلة والسمو والمعالي والسعادة،
الضيوف الكرام،
السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بدايةً، أود أن أشكر مملكة البحرين حكومةً وشعباً على استضافة هذا الجمع الرفيع وعقد هذا المؤتمر الهام حول “الحضارات في خدمة الإنسانية”. وأعرب عن امتناني لحسن الاستقبال وكرم الضيافة وجودة التنظيم.
وإنه من دواعي سروري تلبية الدعوة الكريمة للمشاركة معكم اليوم في افتتاح المؤتمر والذي ينعقد تحت رعاية صاحب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين.
إني أحيي جلالته و اشكره على مبادرته الثمينة بعقد هذا المؤتمر الذي يأتي في وقت حرج للعالم ومنعطف تمر به المنطقة وتجربة تاريخية تمر بها مملكة البحرين.
السيدات والسادة،
منذ قرابة سبعون عاماً، استهل ميثاق الأمم المتحدة بالعبارات التالية:
وأقتبس
“نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة”
“نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية”
“وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدماً، وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح”
“وفي سبيل هذه الغايات، اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي”
انتهى الاقتباس
إني أرى البحرين في سطور هذا الميثاق الذي استهل باسم الشعوب.
وفي نفس السياق استهلت البحرين حضارتها.
هذا البلد المتنوع، يشهد له التاريخ بالحضارة الممتدة لأكثر من أربعة آلاف عام تخللتها العديد من الصولات في عصور متعددة.
وقد تجاوزت حضارة البحرين بفضل تنوعها، حدود الخليج، لتصبح جاذبةً لحضارات وممالك من الشرق والغرب، جاءت إلى هذه الأرض، وامتزجت في بوتقة فريدة في هذا البلد الصغير، فجعلته كبيراً في إرثه الثقافي.
هذا المزيج الفريد هو الذي جعل البحرين ماهي عليه اليوم، بلد له فرص التقدم كأحد بلدان الجنوب المميزة.
البلد الذي يستضيفنا الآن يستحق دعم المجتمع الدولي واحترام سيادته وإرسال الرسالة الصحيحة التي تخدم التعايش المشترك.
وأشدد هنا على الدور الذي يمكن أن يساهم به القادة الدينيون في بناء جسور من التفاهم والتسامح وتحقيق الوفاق الوطني من خلال غرس بذور السلام فى عقول و افئدة المؤمنين.
فلقد أثبت التاريخ بأن التقدم الذي حققته الحضارة الإنسانية لم يتأتى سوى من خلال تبادل الخبرات والتجارب والمعارف بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب، دون تمييز مانع لهذا التعاون.
السيدات والسادة،
إن الآفات الاجتماعية قد تصيب المجتمعات وتشكل منعطفاً في تاريخها، ولكن ذلك لا يعني الاستسلام لتيارات التعصب والانتقام.
فلا أرى أنه من المستحيل تخطي العقبات وتحقيق النجاح، طالما كانت هناك قيادةً مسؤولةً وحكماً رشيداً ومواطنةً صالحةً واعيةً بفوائد التنوع، للحفاظ على مكتسبات ومصالح الأجيال المقبلة التي لا يمكن تعويضها.
ومن ناحيتنا، فإن تحالف الحضارات بالأمم المتحدة لهو على استعداد للعمل مع مملكة البحرين في مجالات حيوية تتضمن مشروعات وبرامج هامة، تخدم كافة غايات التنوع ونشر ثقافة السلام و العيش المشترك والتوعية بفوائده، من خلال مجالات تركيز حيوية هي دعم الشباب، الارتقاء بالتعليم، الاستفادة من دور الإعلام، وكذلك الاستثمار الأمثل لظاهرة الهجرة والاستفادة منها.
ويضاف إلى ذلك الدور الذي يمكن أن تقدمه مجالات تركيز جديدة قمت بإضافتها منذ تولي مهامي العام المنصرم، هي دور القيم الرياضية في السلام والتنمية، وكذلك الفن والموسيقى.
إن تحالف الحضارات يعمل علي تعزيز التعاون مع المنظمات ذات الانشطة الدينية التوعوية إيمانا بالدور الفاعل الذي تقوم به تلك المنظمات، ودون أدنى شك يمكن الاستفادة من هذا الدور لتحقيق الأمن والاستقرار.
كما وقد تبنى التحالف مجالاً حيوياً هو تحقيق التنمية المستدامة من خلال خلق البيئة المواتية للسلام وحقوق الإنسان.
فمنذ أيام، تبنى المؤتمر التمهيدي للمنتدى العالمي السادس لتحالف الحضارات والذي عقد بالدوحة آخر شهر أبريل المنصرم، وثيقةً نصت على أن الأمن والسلام وحقوق الإنسان عناصر يكمل بعضها بعضاً وهي أساسية لتحقيق بيئة تنعم بالتنمية المستدامة.
وستصب نتائج هذا المؤتمر في المنتدى العالمي السادس لتحالف الحضارات الذي سينعقد في بالي بإندونيسيا للفترة ٢٩ـ٣٠ أغسطس ٢٠١٤.
سيسعدني بحق رؤيتكم جميعاً في هذا المنتدى الذي سيتم قريباً توجيه الدعوات لحضوره إلى كافة دول العالم ورجال الدين والفكر والإعلام والمجتمع المدني والقطاع الخاص.
السيدات و السادة ،
لقد ولدت و نشأت مسلما. أن الدين الذى أنشأنى عليه أبواى اعدنى لاصبح ما انا عليه الان: رجل يعيش فى عالم متعدد الاديان ، متعدد الثقافات و متعدد التقاليد التاريخية.
إن عالمنا اليوم هو عالم شديد التعقيد و ملىء بالتحديات و لا توجد فيه إجابة بسيطة على اى سؤال اى كان.
و نرى اليوم انه مع تنامى التنوع و التعدد الثقافى ،هناك تزايد فى ظاهرة التعصب و كره للاخر و التحريض على العنف . و هنا يأتى الدور الذى يمكن ان تضطلع به منظمة الامم المتحدة لتحالف الحضارات التى القيت على عاتقها مهمة اكثر صعوبة من اى وقت مضى تتمثل فى التعامل مع هذه الظواهر – فى إطار القانون الدولى.
و لكن حتى يتسنى لنا الوصول الى ما نصبو اليه من انسجام ووفاق داخل المجتمع الواحد يتعين علينا النظر بدقة فى المسائل التالية :
لماذا ينظر الى التنوع الثقافى كمصدر للانقسام بدلا من ان يكون مسارا للحوار بين البشر؟
لماذا فشل التعدد الثقافى و انتشر الكره للاخر فى بعض المجتمعات؟
و لماذا دأبت بعض وسائل الاعلام على التحريض على نبذ الاخر و الحض غلى العنف؟
كل هذه الاسئلة قد تؤرق سلامنا الداخلى و سلام مجتمعنا و عالمنا الاوسع ما لم نحرص على احترام التعددية الثقافية و الاستفادة منها و تنشأة اولادنا على احترام الاخر و غرز بذور ثقافة السلام لديهم .
و من هنا تتلخص رؤيتى فى استخدام التحالف للدبلوماسية الوقائية التى نص عليها ميثاق الامم المتحدة لنزع فتيل التوترات الناجمة عن الاختلافات الثقافية .
السيدات والسادة،
في الختام، أتمنى لمملكة البحرين التي لديها كافة مقومات التوفيق والنجاح، مزيداً من الرخاء والتقدم لما فيه صالح شعبها العريق.
أشكركم على حسن إصغائكم، وتحالف الحضارات يدعم نتائج هذا المؤتمر.