الدوحة ـ قطر
٢٩ أبريل ٢٠١٤
ـــــــــــــــــــــــــــ
أصحاب السعادة،
الضيوف الكرام،
السيدات والسادة،
أهلاً ومرحباً بكم في دوحة الجميع التي تحتضن اليوم “المؤتمر التمهيدي للمنتدى العالمي السادس لتحالف الحضارات والاجتماع السنوي لنقاط الاتصال” والذي ينعقد تحت موضوع “السلام والرخاء لأجل التنمية المستدامة”.
وإن ما يسعدني حقاً تلبيتكم للدعوة وحرصكم على المشاركة في الاجتماع وهو ما يعكس تحليكم بالإرادة الحقيقية لمساندة تحالف الحضارات انطلاقاً من إيمانكم برسالته ومهامه والهدف من إنشائه.
إن خطابي إليكم اليوم كممثل سام للأمم المتحدة لتحالف الحضارات لهو يتسم بمكانة خاصة كون اجتماعنا هذا يعد الاجتماع الأول للتحالف في مدينة الدوحة منذ استلامي قيادة هذه المبادرة السياسية الهامة، وهو ما يعني لي الكثير كأحد أبناء هذا البلد المعطاء.
ولذلك أود أن أعرب عن خالص الشكر والتقدير لدولة قطر لاستضافتنا وتوفير الدعم اللازم لهذا المؤتمر الهام لنا جميعاً، حيث ستصب نتائجه في أعمالنا مستقبلاً.
كما وقامت دولة قطر باحتضان المنتدى العالمي الرابع للتحالف، وقبل ذلك استضافت مشاورات الفريق الرفيع الذي أوصى تقريره بإنشاء هذه المؤسسة الهامة لمساعدة البشر، ولا زالت تقدم الدعم السياسي والمادي للتحالف وكافة أشكال التعاون البناء.
وفي مستهل أعمالنا يسرني أن أرحب معكم بسعادة الدكتور/ حسن بن إبراهيم المهندي ـ مدير المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية ونائب رئيس اللجنة القطرية لتحالف الحضارات الذي يشغل حلقة اتصال دولة قطر للتحالف.
وقد كان لتعاونه معنا كأمين عام للمؤتمر دور كبير في العملية التحضيرية التي تمت بالتنسيق بين اللجنة القطرية وفريق التحالف بنيويورك للقيام بتنظيم هذا المؤتمر في وقت قياسي.
كما وسيشكل نجاح مؤتمرنا هذا دفعة قوية للبناء على النجاح الذي حققناه في فينا، ولانطلاق المنتدى العالمي السادس لتحالف الحضارات الذي ستستضيفه إندونيسيا في جزيرة بالي الجميلة للفترة ٢٩ـ٣٠ أغسطس المقبل.
وأود هنا أن أكرر شكري لشعب وحكومة إندونيسيا على هذه المبادرة الكريمة والدعم الذي تقدمه إندونيسيا لتحالف الحضارات.
السيدات والسادة ،،،
كما تعلمون، يشهد عالمنا في الوقت الراهن تحولات متسارعة في البيئة من حولنا، تؤثر بدورها على التنمية.
بعض هذه التغيرات هو من صنع الخالق ومن مجريات الطبيعة.
ولكن البعض الآخر هو من صنعنا نحن البشر، وهو الجزء المتعلق بمدى مسؤوليتنا عن أمننا وتعايشنا السلمي لأجيالنا القادمة.
فنحن البشر من تجب مسائلته عما يحدث لحقوق الإنسان من تجاوزات وعن المصاعب الإنسانية التي تعتري عالمنا.
ونحن كذلك مسائلين أمام ضمائرنا عن الخسائر الاقتصادية التي تتسبب في ضياع فرص كبيرة للنمو جراء الإدارة غير العادلة للموارد، وعدم انتهاج سبل الحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية.
كما ونحن الذين نتسبب في الأضرار التي تصيب المناخ من جراء عدم التفاتنا بشكل كاف لمصالحنا المشتركة للتعايش معاً ومع بيئتنا بشكل مستدام ومتوافق مع أسس العيش المشترك.
ولذلك ومن أجل الدور الذي يمكن أن يلعبه تحالف الحضارات في مساعدة البشر على العيش بسلام لأجل مستقبل أفضل، اخترت أن يكون اجتماعنا هذا تحت مسمى “السلام والرخاء لأجل التنمية المستدامة”.
وكما تعلمون فقد بدء انطلاق مفهوم العلاقة الوطيدة بين الدور الذي يمكن أن يؤديه تحالف الحضارات في تحقيق التنمية المستدامة بعد اعتماد وثيقة الدوحة التي تمخضت عن المنتدى الرابع.
فلا يمكن أن ننكر الدور الذي تؤديه المحاور الرئيسية للتحالف في تحقيق التنمية المستدامة، وهي التعليم والشباب والإعلام والهجرة.
ومن ناحية أخرى، لا يمكن أن نتخيل فرصاً لتحقيق التنمية دون بيئة مستقرة آمنة من الصراعات العديدة في عالمنا اليوم، الخفية والعلنية، التي باتت تشوبها نزعات طائفية وخلافات ثقافية.
وهنا يأتي الدور الهام الذي يمكن أن يؤديه تحالف الحضارات للعب دور يمكنه من أداء المهام الموكلة إليه بأنشطته الإبداعية التي نصت عليها ولايته.
وهو دور يمكن أن يكون وقائياً وخلاقاً لمخاطبة العقول والقلوب وإحداث تغيير في قرارات البشر سواءً العامة أو أصحاب القيادات المسؤولة.
وهو دور إما وقائي يمكن الاستفادة منه قبل اشتعال فتيل الأزمات، أو دور يمكن تسخيره لتهيئة بيئة ما بعد الصراع بين أصحاب الطوائف والثقافات المختلفة، بحيث يكون دور مكمل للجهود السياسية والأمنية التي تقوم بها الأجهزة المتخصصة والأطراف الفاعلين، ووفق الولايات المنصوص عليها.
السيدات والسادة ،،،
إنه لمن دواعي سروري أن التحالف ووفق استراتيجيته الجديدة المعتمدة على المستوى الوزاري في اجتماعنا بشهر سبتمبر العام المنصرم، بات أكثر نشاطاً وبروزاً في منظومة الأمم المتحدة.
ومن خلال نهجنا الجديد والذي منه التركيز على التنمية المستدامة كأحد محاور الاهتمام في عمل التحالف، يأتي مفهوم البيئة المواتية للتنمية والرخاء ووفق الولاية والاختصاصات التي يتمتع بها تحالف الحضارات.
كما اعتمدت الاستراتيجية كذلك رؤيتنا للتنسيق والتعاون مع أجهزة الأمم المتحدة المتخصصة ذات الولايات الموضوعية المتخصصة في قضايا يهتم بها تحالف الحضارات ومنها التنمية المستدامة.
وبهذه المناسبة أدعوكم لترحبوا معي بسعادة السيد/ وو هونغ بو ـ وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ـ الذي تأتي مشاركته معنا اليوم على درجة كبيرة من الأهمية، نظراً للدور الهام الذي تقوم به الأمانة العامة للأمم المتحدة من خلال إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، في متابعة تحقيق التنمية المستدامة ومراقبة تنفيذ الأهداف الإنمائية بالأمانة العامة للمنظمة.
كما يسعدني أيضاً الترحيب بالسيد/ أولاف كجورفين ـ المستشار الخاص لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي سيساهم كذلك في إلقاء بعض الضوء على الجهود التي يقوم بها البرنامج الإنمائي لدعم عجلة التنمية ذات الأبعاد المتشعبة التي يكمل بعضها بعضاً.
كما وأرحب بنقاط اتصال كل من أسبانيا وتركيا اللذان سيقدما إحاطةً من قبل دولتيهما المنشأتين لمبادرة التحالف وأتطلع لمشاركتهما.
السيدات والسادة ،،،
كما تعلمون، تكون الخلافات الثقافية في بعض الأحيان أحد مكونات الصراعات أو من أسبابها الجذرية أو قد تؤدي دون أن نشعر إلى تعمق الصراعات وامتدادها على مر من الزمن قد يستمر لعقود، تتعمق معه الكراهية مما يؤدي لفقدان فرص عظيمة للتنمية التي لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل السلام والاستقرار والمساواة ونبذ التفرقة بين بني البشر.
فلا أجد أخطر على البشرية من استمرار النزاعات والفشل في حلها.
وإن ما يحزنني بحق هو أننا بالرغم من كوننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، إلا أن هناك شعوباً مستضعفة لا تزال ترزح تحت الظلم الاجتماعي والتهميش والاحتلال.
ولا يقتصر هذا على مناطق الصراع فحسب، بل أن الاستقرار ومظاهر التقدم قد يعتريها كذلك آفات العنصرية وكراهية الأجانب والتعصب القائم على أساس العرق والدين.
فغياب الحرب لا يعني السلام الشامل وغياب الصراع لا يعني دوماً الاستقرار وغياب الرخاء لن يقود أكبر الدول إلى تنمية مستدامة حقيقية، ما لم نتعاطى بحزم مع هذه المظاهر لاقتلاعها من جذورها، خاصةً بأنها سلوكيات ترفضها كل الشرائع السماوية والقيم الإنسانية وكذلك القانون الدولي والمعايير الدولية المتفق عليها.
السيدات والسادة ،،،
قبل أن أختم بياني أود تذكيركم كافةً بأننا في تحالف الحضارات نعول كثيراً على دعمكم ومساهماتكم القيمة لتمكيننا من أداء المهام التي تودون رؤية نتائجها على أرض الواقع.
وفريقي بالرغم من كبر حجم المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، يعمل بجد واجتهاد دون كلل من أجل تحقيق هذه الغاية، فهم يبذلون بحق وبالرغم من شح الموارد وكبر الطموحات، جهوداً جبارة يستحقون عليها الثناء.
فأرجو أن نحصل على دعمكم الذي طالما شملتونا به، وأرجو من أصدقائنا وشركائنا الذين شملونا بتعهدات كريمة، أن نحصل منهم على مساهماتهم في أقرب وقت.
وسوف نستعرض غداً في اجتماعنا لليوم الثاني أنشطتنا التي نقوم بها على نطاق إقليمي وجهودنا التحضيرية للمنتدى العالمي السادس الذي سنسمع عنه كذلك بعد قليل من زملائنا الإندونيسيين، كما وستكون هناك فرصة للتفاعل مع المجتمع المدني وتلقي أسئلتكم ومقترحاتكم البناءة ونقوم باعتماد إعلان المؤتمر لإرسال دفعة هام من الدعم المعنوي والموضوعي بروح من التعاون البناء الذي اعتدنا عليه منكم.
أشكركم لحسن إصغائكم وأتمنى لنا جميعاً مؤتمراً ناجحاً.